رسائل انتفاضة القدس المتجددة… ماذا عن الهجرة اليهودية المعاكسة؟

142

يمكن قراءة عدة رسائل لانتفاضة القدس المتجددة ؛ أهمها ترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية في الميدان، وقد تجلى ذلك من خلال الحراك الموحد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده؛ في الداخل المحتل 48؛ وفي قطاع غزة والضفة الغربية والمهاجر القريبة والبعيدة لنصرة المقدسيين وثبيتهم لمواجهة محاولات إسرائيل تهويد مناحي القدس المختلفة وفي المقدمة منها حي الشيخ جراح.
واللافت أن امتلاك ناصية وتقنية السوشيال ميديا من قبل الشباب الفلسطيني والعربي والمناصرين للقضية الفلسطينية، قد لعبت دوراً هاماً في كشف الصورة الحقيقية العنصرية الفاشية لإسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني خلال الانتفاضة المتجددة وبلغات عديدة ؛ الأمر الذي شكلّ عنصراً هاماً وإضافياً الى جانب الحق الفلسطيني ؛ وقد عززت المظاهرات المناصرة لفلسطين ذلك في عدد كبير من المدن في قارات العالم .
وفي مقابل ذلك ثمة انعكاسات مباشرة للانتفاضة على التجمع الاستيطاني الإسرائيلي .

تجديد الطاقة البشرية

يعتبرالتجمع السكاني الاستيطاني اليهودي في فلسطين المحتلة، تجمع مهاجرين يهود أتوا حتى العام الحالي 2021 من أكثر (100) دولة تحت رعاية المشروع الصهيوني وأذرعه المختلفة وإسرائيل وبدعم غربي مطلق على كافة المستويات ؛ بغرض تأمين الأساس البشري الديموغرافي لإسرائيل.
فالهجرة اليهودية تجدد الطاقة البشرية اللازمة لتبقى دولة الاحتلال قادرة على الاستمرار في دورها الوظيفي في خدمة مصالح الغرب الذي أنشأها.
وقد استخدمت الحركة الصهيونية وإسرائيل كافة أساليب التضليل والترغيب والضغط لحمل يهود العالم على الهجرة إلى فلسطين.
ونجحت تلك الدعاية لجذب مزيد من يهود العالم إلى فلسطين المحتلة، ترافق ذلك مع دعم غربي للاقتصاد الإسرائيلي الذي تطور ليكون عاملاً جاذباً لمزيد من المهاجرين اليهود؛ حيث ساهمت الهجرة بأكثر من (60) في المائة من إجمالي زيادة اليهود في فلسطين المحتلة خلال عقدي الستينيات والتسعينيات من القرن المنصرم، إضافة إلى الرفاه الاقتصادي؛ يعتبر الاستقرار الأمني في إسرائيل عاملاً جاذباً ليهود العالم أيضاً؛ وفي حالات تراجعه تنخض معدلات وأرقام الهجرة اليهودية إلى فلسطين المحتلة؛ بل تزيد معدلات الهجرة اليهودية المعاكسة؛ وقد لوحظ ذلك جلياً خلال فترات متعددة؛ وخاصة خلال انتفاضة الأقصى التي انطلقت من باحاته المشرفة في نهاية أيلول /سبتمبر من عام 2000.

عوامل طاردة

كانت لانتفاضة الاقصى التي امتدت لسنوات نتائج مباشرة على الداخل الإسرائيلي؛ حيث تراجع أداء الاقتصاد الإسرائيلي ، جنباً الى جنب مع تراجع أرقام الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وارتفعت في الوقت نفسه أرقام الهجرة المعاكسة بسبب انعدام الوضع الأمني الإسرائيلي.
مع انطلاقة انتفاضة الأقصى في نهاية سبتمبر/أيلول من عام 2000، وتزعزع الأمن الإسرائيلي، برزت هواجس لدى القادة الإسرائيليين بشأن الهجرة اليهودية، إذ لعب ويلعب الاستقرار الأمني دوراً مهماً في جذب اليهود إلى فلسطين المحتلة.
وقد أكد رئيس “الوكالة اليهودية” آنذاك ، “سالي مريدور”، أن أرقام الهجرة تراجعت من نحو 70 ألف مهاجر في عام 2000 إلى 43 ألفاً في عام 2001، ومن ثم إلى 30 ألفاً في عام 2002، ولم يتعد الرقم 19 ألفاً في العام الواحد في الفترة (2003-2013).
وفي أثناء الفترة المشار إليها، كان ميزان الهجرة اليهودية سلبياً لمصلحة الهجرة المعاكسة في بعض السنوات؛ وكانت وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت في تلك الفترة ؛عن استعداد نحو 30 في المائة من “الشباب اليهود” في “إسرائيل” للهجرة المعاكسة، فضلاً عن إخفاء “وزارة الهجرة والاستيعاب “أعداد اليهود الإسرائيليين الذين هاجروا إلى الخارج منذ عام 1948.

تردي الأوضاع الأمنية

وأفادت نتائج استطلاعات رأي إسرائيلية ، بعد الحرب على غزة في صيف عام 2014 ، أن 40 في المائة من اليهود يفكرون بهجرة البلاد عند وجود فرصة مواتية، لفقدانهم الأمان، ولتردي الأوضاع الأمنية والمخاوف من تصعيد عسكري ثانٍ مع الفلسطينيين؛ ومع استمرار مفاعيل انتفاضة الأقصى منذ بداية رمضان لسنة 1442 هجرية ونيسان /إبريل 2021 ميلادية ، ستكون هناك انعكاسات على الساحة الإسرائيلية ، وخاصة لجهة تراجع أداء كافة القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية، وستتراجع أرقام الهجرة اليهودية إلى فلسطين المحتلة؛ وسيسعى آلاف من الشباب اليهودي للهجرة المعاكسة؛ خاصة مع انكشاف عنصرية إسرائيل وفاشيتها؛ وليصبح الصراع مفتوحاً على مصراعيه أكثر من أي وقت مضى مع كافة أبناء الشعب الفلسطيني، وليس مع فصيل أو حزب فلسطيني بعينه، وهذا ما تجسد خلال محاولات قطاعات المستوطنين مدعومين من الشرطة والجيش الإسرائيليين العبث في الأقصى المبارك، وإخلاء المقدسيين من حي الشيخ جراح.

نبيل السهلي

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

القدس العربي

Leave A Reply

Your email address will not be published.

تسعة + 13 =

آخر الأخبار